إنّ تعرض حُلم المسيرة الديمقراطية لشعبنا للتهديد والاستخفاف في ظل ما نشهده من نظام عالمي متغير ثقافياً واقتصادياً وجيوسياسياً؛ قد أوجب علينا حمل مسؤولية المُواطنة للمشاركة مع الآخرين من ابناء الوطن بمشروع وطني سياسي من أجل:
ولكي تنتعش خصوصيتنا الحضارية الديمقراطية من جديد، كما كانت دائماً هي السلاح لحماية الكويت في أحلك الظروف وتحقيق الريادة في شتى المجالات، والإنعطاف نحو مشروع حضاري للدولة مُلهم للغير وقادر على تبادل المنافع والخبرات مع الشعوب الأخرى بما يصنع للدولة أهمية استراتيجية عالمية ويصون سمعتها ويحفظ كيانها في ظل المتغيرات المتسارعة وغير الآمنة في النظام العالمي
لم يُصب ماضينا بكوارث أزمتي المناخ والغزو الغاشم إلا بسبب وجود بيئة سياسية حاضنة للفساد ومكرسة للإنفراد بالسلطة.
وفي حاضرنا أفضى الفساد إلى عشعشة بؤر للتمييز والتعصب والعنصرية بين أفراد المجتمع، واستحكام تحالف المال والسلطة على حساب سحق الطبقة المتوسطة اضعافاً للجبهة الشعبية المدنية، كما أدت إلى إهدار بالموارد الاقتصادية وانهيار البنى التحتية والإضرار بسمعة الدولة.
ولن يدرأ أخطارها المستقبلية إلا الصمود الجاد في مواجهة الفساد انتصاراً لِحُلم الإصلاح بالحُرية والعدل والمُساواة والوِحدة. ويتحقق ذلك عبر الآتي:
تشارك به المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني للتوافق على أولويات اجتثاث الفساد وتحقيق الإصلاح الشامل بالمؤسسات الدستورية من أجل تعزيز وحدة المجتمع، وفي مقدمة ذلك استكمال العفو عن قضايا الرأي وعودة المهجرين وإتمام المصالحة الوطنية.
الانتخابية أداة بيد متطرفين عنصريين وطائفيين وقبليين يمزقون وحدتنا الوطنية من خلال النظام القائم على الصوت الواحد، مما أدى أيضاً لزيادة نفوذ تحالف المال والسلطة وعزز العمل البرلماني الفردي المصلحي المتقلب بالمبادئ على حساب الخطط التنموية والبرامج السياسية والمصلحة العامة.
فحان الوقت لإحداث تغيير في هذا النظام (كتعديل الدوائر لمزيد من العدالة؛ وكالتصويت لقوائم نسبية لمزيد من التضامن)، وللمزيد من الشفافية والنزاهة (عبر قانون المفوضية العليا للإنتخابات؛ لتكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن مراقبة العملية الديمقراطية كاملة؛ ولتحديد ميزانيات الحملات الانتخابية)، ولمزيداً من المساواة من أجل مستقبل أفضل عبر توسيع قاعدة المشاركة السياسية بالتصويت (كالشباب والعسكريين)، للانتقال نحو بيئة عمل جماعي تكفل التعددية السياسية، ويحقق التالي:
- نهضة المؤسسة التشريعية حماية لمبدأ المواطنة.
- الدفاع عن حقوق الأفراد والأقليات.
- إعادة الصدارة للجبهة الشعبية المدنية وحماية الطبقة الوسطى.
- تحصين إرادة الأمة من الإبطال بتشريعات إصلاح السلطة القضائية.
- الوصول إلى نواب يمثلون الأمة بأسرها للدفع بها نحو مشروع وطني حضاري ديمقراطي.
كقانون الجرائم الإلكترونية وقانون جرائم أمن الدولة والحبس الإحتياطي بقضايا الرأي، وإلغاء سِلاحي سحب الجنسية وحرمان المسيء لتصفية المعارضين السياسيين، فالبحث عن أحلام أُمتنا ومحاربة المفسدين متوقف على حُريتنا في تقديم النقد والحلول لا تكميم الأفواه.
فلا تمكين للأمة إلا بالحُرية، ودونها فإن أحلامُنا تُختطف وديمقراطيتنا تتعرض للخطر بكل ما تحمل من مبادئ العدل والمساواة، وتكافؤ للفرص وتحسين للمعيشة، وصون للكرامة الإنسانية، وحماية للوحدة الوطنية.
بمصاريف الدولة وإيقاف التنفيع والامتيازات الممنوحة لكبار المسؤولين والمتنفذين على حساب المواطن البسيط، مع وجوب تقليل التفاوت بالدخل بين المواطنين، عبر إعادة توزيع الثروة بصورة عادلة وزيادة الرواتب للموظفين والمعاشات للمتقاعدين بما يوازي التضخم ويحسن معيشتهم لمواجهة الغلاء، ولن نسمح بأن يكون جيب المواطن هو من يتحمل سوء إدارة المسؤولين في البلاد.
ولا بد من حوكمة ورقمنة القطاع العام لمواجهة الفساد المتفشي، ليتسنى لنا تحسين وتطوير البُنى التحتية والرعاية الصحية والتعليمية والسكنية وتقليل تكاليفها على الأسرة والدولة.
ووقف التعدي على المال العام وأملاك الدولة واستئثار منظومة من المتنفذين والاحتكاريين بها، مع وجوب تعزيز العوائد للدولة من كبار الأثرياء ممن استفادوا من اقتصادنا، عبر دفع حصتهم من الضريبة العادلة والمسؤولية الإجتماعية، وضمان فُرص متساوية للجميع تزيد من توحدنا، وبما يمكن الطبقة الوسطى من الاستمرار والتقدم فلا تفكير ولا تغيير ولا إصلاح إلا عبرها، مع ضرورة مكافحة فساد بيئة الوكالات والاحتكارات وتداعياتها جراء هيمنة تحالف المال والسلطة على صنع القرار.
ولا بد من إطلاق مبادرات اقتصادية ضخمة بكافة القطاعات كالصناعية والدوائية والغذائية والتكنولوجية والبيئية واللوجستية، لتحقيق إيرادات للدولة من جهة، وتوفير الأمان للمجتمع من المتغيرات العالمية بتوطين هذه الصناعات من جهة ثانية، مع خلق فرص وظيفية مميزة لشباب الوطن من خلال التعاقد مع شركات عالمية ومحلية وفق القانون، وقائمة دراسات اساتذة الاقتصاد ومراكز الابحاث من جامعة الكويت والجامعات الأخرى.
لكونهم الثروة والعملة النادرة والذخر، فحظوتنا اليوم بوفرة شبابية ماهي إلا تأكيد على أن المستقبل لنا إن اُتيحت لهم الفرص المناسبة عبر الخطط الهادفة، لذلك سنحارب لتمكينهم من تحقيق التغيير وإبهار العالم، لأن تعزيز رفاهية أُمتنا ومِلؤها بالأمل لن يأتي إلا من خلال تمكين الشباب والانفتاح والتنوع والمجازفة والابتكار والتغيير، عبر ديمقراطية حقة تضمن كرامة الناس وتصون حقوقهم.
وهنا لا بد من إعادة قيم العمل الوطني لأشرف المهن وهي التعليم والاهتمام بالمعلمين وتطوير المناهج، وعدم الاستسلام لمحاولات فرض واقع إفسادها بمفهوم الأجر مقابل العمل، ومحاربة تفشي الغش بتواطؤ من دخلاء فاسدين على القطاع التعليمي النزيه وإلا فإن العواقب وخيمة على مستقبلنا.
ولا بد من إصلاح المؤسسات التعليمية الخاصة كي لا تغلب عليها قيم الربحية، مع وجوب توفير فرص إلتحاق عادلة فيها لأبناء الأسر البسيطة لتحصينها من أن تكون بُؤرا للتمييز والاحتكار ما بين أبناء الأثرياء والنخب والمتنفذين على حساب الإهتمام بتعليم البسطاء في القطاع العام وتطويره، وحماية مقاعد البعثات الخارجية من محاولات الاستئثار بها لخريجي المدارس الخاصة.
فيلزمنا اليوم إتاحة الفرص لأصحاب الإختصاص من الخبرات التربوية في ابتكار انظمة إدارية تعليمية وثقافية عصرية تنهض بالفرد والمجتمع، وتؤصل خصوصيته الثقافية والديمقراطية من حيث المنهج والممارسة داخل المؤسسات التعليمية، وتَستقي من القيم العُليا للأجداد في التعاون والإتقان، والإحسان، وحماية الأسرة والوطن، وتدعم أبحاث العلوم والتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي، وتوفر بيئة خصبة لتنشئة الأجيال القادمة على الإبداع الأدبي والفني والحرفي والرياضي، مع وجوب الاحتفاء بلغتنا وثقافتنا العربية الإسلامية التعددية المتسامحة وصونها من موجات الغزو الثقافي الغربي.
حيث تتعمد منظومة الهيمنة - المُزاوِجة بين المال والسلطة - إفسادها للإثراء من خلالها على حساب رفاهية الأسرة الكويتية، فلا بد من محاسبة المقصرين وتنظيم العقار السكني النموذجي، وحمايته من المتاجرة الجشعة، برسم سياسات وتشريع قوانين تكافح الاستحواذات، والمضاربات، واحتكار الأراضي، وبزيادة الرسوم المفروضة عليها.
بالإضافة إلى ضرورة تحرير المزيد من أملاك الدولة لتوسيع الرقعة العمرانية، مع أهمية تغليب الحلول العلمية والفنية النوعية استنادا إلى خبرات ودراسات المختصين، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالقضاء على معضلة رئيسية تتمثل بتغليب الحلول السياسية على التنموية التخصصية.
ولا بد من إنصافها وتمكينها بالشكل اللائق بها كمواطنة أسوةً بالمواطن في المناصب القيادية، وتوفير الأرضية القانونية والمناخ الكامل لحمايتها من كافة أشكال التعصب والعنف والابتزاز والإجرام.
وواجبنا أن ننتصر لها واعتبارها فعلياً مساوية للرجل عبر دعم المبادئ المدونة بدستور دولة الكويت بشأن العدالة والمساواة لتكون سُلطة فعلية لا حبر على ورق في التشريعات، وسياسات الحكومات، لينعم المجتمع بمختلف مجالاته بعوائد وحلول مبهرة مستمدة من الطبيعة المميزة للمرأة بالتجديد والتطوير، وجدارتها المثبتة في مسيرة حراكنا المجتمعي والسياسي والدبلوماسي والإقتصادي والثقافي والعلمي والفني، فقد أصاب مجتمعنا الركود وبدأ يعاني من العنف والسطوة والتشنج في حل المشكلات العامة بسبب غلبة مفهوم الذكورية في مراكز القرار.
ومن واجب المشرعين توفير البيئة الخصبة لحماية الأمومة والطفولة وتقوية أواصر الأسرة، لذلك من اللازم تجنيس أبناء الكويتية بشكل عادل ونظامي وفوري، وصون مبدأ المساواة في حق الرعاية السكنية للأم مقارنة بالأب.
من الدرجة الأولى وتعكس مستوى الحضارة الإنسانية للمجتمع الكويتي وتمثل بؤرة تحمل في طياتها كافة صور التعصب والتمييز، ولها تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، وكذلك انعكاسات دولية سلبية تضر بسمعة الكويت وتجعل مصالح الشعب عرضة للتدخل والابتزاز والحِصار.
وأيضا لن نبقى متفرجين على عدم جدية المعالجة من جهة الأجهزة المسؤولة، كما ينبغي علينا سد الثغرات التي تجعل من القضية وسيلة للاستغلال السياسي والانتخابي
فحان الوقت لتجنيس المستحق وتقديم الحقوق الإنسانية لإخواننا وأخواتنا البدون صونا للكرامة الإنسانية، ولن نرضى أن يكون على أرض الكويت مناخاً ظالماً ومهمشاً لأي فئة كانت
دون الطموح، فحان الوقت لتعزيز فرص دمجهم بالمجتمع للاستفادة من مهاراتهم الفائقة في دفع البلد نحو التقدم، ومن الضروري أن نعمل على رفع مستويات تحصيلهم العلمي بكافة تفاصيله ليكونوا رافداً أساسياً وثروة حقيقية وحضارية للمجتمع.
ومؤشراً على سلامة قوة العمل، فلا بد من إسناد الملف لكفاءاتنا الوطنية من أجل ابتكار انظمة ادارية صحية تعزز التنافسية في تقديم خدمات الرعاية الصحية وتطويرها وترسيخ قيم العمل الوطني في مهنة الطب والتمريض والمهن المساندة والإدارة الصحية والصناعات الدوائية والطبية، وذلك اعتباراً من التداعيات السلبية لجائحة كورونا حتى الوقت الراهن.
الحقيقيون للعبور بسمعة الكويت حول العالم إذا أسفرت عن تحقيق البطولات العالمية، ومن خلالها تُقاس حضارتنا بين الأمم، ويجب صونها من الإستغلال والصراعات السياسية الراهنة ومراميها باختطافها وتحويلها لعزب خاصة للإثراء السهل والسريع اللا مسؤول.
فيتحتم علينا الإسراع بتوفير البيئة المشجعة لأبطالنا الرياضيين الذين مازالوا ينجزون ويحققون الكثير رغم فقدانهم البيئة الخصبة، كما يجب أن نستلهم من تجارب الآخرين نموذج خصخصة عادل وناجح مناسب للكويت ينهض برياضتنا ورياضيينا.